افكار تدور في عقل ثلاثينية

في صباح يوم شتوي دافء وممطر ” لا عجب أن يجتمع الدفء والشتاء والمطر لأنني اسكن في مدينة جدة حالياً ” ، أشعر برغبة ملحة للكتابة خلف زخات المطر، يبدو أنني لم اكتب كثيراً منذ بلغت الثلاثون، وكإنني أصبحت من النضج والوعي بحيث لا تثير مشاعري التفاصيل الصغيرة، ولا اقضي لحظات يومية في البحث عن معنى لحياتي. 

والأمر بالعكس تماماً، ظاهرياً تبدو حياتي هادئة جداً منذ بلغت الثلاثون، أنهيت اطروحتي للماجستير واستمتع برؤية وثيقة التخرج معلقة أمامي كل يوم، لكن جزء لايزال بسيط حتى الأن الحمدلله ينظر للوثيقة بحزن واتساءل رغماً عني، هل ستفقد قيمتها مع الوقت؟ ككل الإنجازات الصغيرة التي تبدو بعيدة جداً وبلا معنى بعد مرور السنوات؟

خصوصاً انني قررت البقاء في المنزل لبعض الوقت للتركيز على ما اريده حقاً لحياتي الفترة القادمة.

أتذكر انني كنت اضع في سيرتي الذاتية دوماً برنامج للخياطة التحقت به وانا في الصف السادس الابتدائي. كان انجاز عظيم لطفلة في عمري لا أزال احتفظ بأثاره المعنوية والمادية حتى الآن خصوصاً انني من وقتها بقيت مخلصة لمجال الخياطة والتصاميم في دراستي وحياتي. لكن بالطبع قمت بحذف البرنامج من سيرتي الذاتية لإنه يبدو من السخف وضع برنامج صيفي أقدمت عليه وأنا طفلة في سيرة ذاتية لامرأة في الثلاثين! 

وبعدها عرضت سيرتي الذاتية ذات الصفحات الثلاث لصديقة تعمل كمسؤولة في التوظيف لتختصرها، لإنه ورغم كل أهمية انجاز بالنسبة لي اعلم انه لا ينبغي لشخص ان يكون له سيرة ذاتية من ثلاث صفحات هههه

بالطبع قلصتها لنصف صفحة! وحذفت كل انجاز وبرنامج أقدمت عليه بشجاعة وحماس وتميز قبل واوائل العشرون، ببساط هذه إنجازات قديمة جداً! 

في الثلاثون أدركت أن سيرتي الذاتية لا يجب أن تتجاوز صفحة واحدة، لذلك ليس علي السعي خلف إنجازات كثيرة، يكفيني أن أعمل على شيء او اثنين ذا معنى وقيمة فعلية لا تنتهي صلاحيتهم مع مرور السنوات. 

في الثلاثون ورغم هدوء الحياة واتساع نظرتنا للأمور لا نزال في مضمار جري، من لم تتزوج ستقل لديها فرص الزواج، والمتزوجة سيقل لديها مخزون بويضاتها وعليها الإسراع بإنجاب اطفالها، من لا تزال تسعى للوزن المثالي عليها الإسراع لأن معدل الحرق يتناقص، من لا تزال تبحث عن وظيفة احلامها ستقل لديها الخيارات مع مرور الوقت، حتى وظائف الإعادة والمحاضر في الجامعات ستشهر شرط العمر. وكأن الاستقرار في الثلاثون واجب وليس وخيار رغم كل شعارات الثلاثون المثالية.

 

في الثلاثون تكون قمة متعتي الجلوس على الاريكة في الصباح الباكر والشمس لا تزال تشرق اتأمل حياتي وامتن للتفاصيل الصغيرة، اقرأ، اعد افطاراً على مهل مستشعرة بكل ذرة في كياني قيمة الهدوء وهذه اللحظات بعد سنوات طويلة من الركض، ومدركة بأن لا ضمانات في الحياة لاستمرار هذا الطقس الصباحي المحبب لذلك انغمس فيه تماماً.   

ولكن ككل مرة، أتساءل ان كنت سأندم على هذه اللحظات الاختيارية لاحقاً ؟ هل سأندم لأنني لم استغل كل لحظة في الثلاثون لتنمية سيرتي الذاتية والسعي كل صباح في دروب الحياة؟ 

في أول الأشهر بعد انهائي للماجستير شعرت بأنني استحق تلك اللحظات تماماً، لكن مع مرور الوقت يتضاعف لدي الخوف من اختياراتي. 

لا اريد لنفسي أن أكبر واصبح من الأمهات المتذمرات الذين يتهمون أطفالهم ومحيطهم بأنهم السبب في العناء اليومي للوظيفة كل يوم، ان تجرفني الوظيفة لملاحقة طلبات وكماليات من حولي بسبب شعوري الدائم بالذنب والتقصير. 

ولا اريد ان اصبح من ربات المنزل اللاتي لا يمتلكن علاقات قوية خارج محيط الأسرة، وتلمن تلك الأسرة دائماً في انهم السبب لبقائها في المنزل وابتعادها عن العالم وعليهم الاعتناء بها كما اعتنت بهم تماماً نفسياً ومعنوياً ومادياً! 

نموذجان متطرفان لكن مرعبان بالنسبة لي، عندما أخرج من المنزل أو أقرر البقاء فيه اريد أن افعل ذلك بكامل قناعتي ورغبتي، الاستقرار الوظيفي والاستقلال المادي مغري، واريكتي في الصباح الباكر مغرية، واقضي أيامي حالياً في التفكير بالجمع بينهم بطريقة سحرية!

لصديقي الخيالي العزيز

إلى صديقي العزيز سانتورا

لقد تلقيت رسالتك الأخيرة بحزن، الحياة في محيطي غير مستقرة، وأشعر بأنني من شدة مقاومتي للسقوط أصبحت هشة من الداخل، كنت سابقاً أستطيع مواجهة الرياح العاتية بصبر لكنني الآن أخشى حتى من نسيم الربيع ..

عذراً على المقدمة الحزينة وعلى كل حال مبارك لك بلوغك عامك الخامس والثلاثين!

امم كما تعلم لقد اقتربت أنا كذلك كثيراً من الغوص في اعوامي الثلاثون، لم أكن اتصور بأنني سوف أتحسس من مسألة العمر هذه يوماً! لكنني فعلاً أمر بمشاعر غريبة جداً يصعب على فهمها ..

فأنا أشعر أحياناً بأنني في مقتبل العمر والحياة أمامي طويلة ثم اتفاجأ بدعوة زفاف لطفلة من العائلة!

ثم احاول تذكر عمر تلك الطفلة بإندهاش وأدرك انها تبلغ التاسعة عشر، لقد كنت أحملها على يدي وهي طفلة! كم اصبحت أنا كبيرة بنظر العالم ياترى؟!

تخيل ياعزيزي سانتورا أي موقف تعرضت له في آخر حفل زفاف ذهبت إليه، استمع لهذه القصة المضحكة في ظاهرها!

صادفت في الحفل صديقة من الجامعة وشعرت بسعادة وكأننا افترقنا بالأمس رغم انني لم اتذكر جيداً في البداية من أين اعرفها تحديداً لكن بقليل من المساعدة تذكرت وأشعر بأنها اندهشت قليلاً عندما استفسرت منها من أي جامعة تحديداً اعرفها! لكن لا بأس تذكرتها في النهاية واستوعبت في لحظة بأنه مضت سبعة سنوات على آخر لقاء بيننا، لكن دعني أكمل، فجأة قدمت لي هذه الصديقة شابة جميلة وقالت ببهجة هذه ابنتي في آخر مراحل الثانوية ..

للحظات لم استطع تمالك إندهاشي وقفزت الدهشة على لساني فوراً، ابنتك؟! متى انجبتيها؟! كم عمرك انتِ؟! ضحكت بخجل وقالت لقد تزوجت مبكراً جداً وتركت مقاعد الدراسة لعدة سنوات قبل أن اعود من جديد للدراسة معكم، تنهدت بإرتياح لثواني قبل ان تسألني عن أختي التي تقارب عمر ابنتها ان كانت هذه ابنتي؟!

شعرت بشعور غريب اجبتها بلا فأبنتي تبلغ من العمر اقل من ٥ سنوات فقط، وذهبت للنظر للمرآة فوراً، هل ابدو في الثلاثون حقاً ؟! هل من الممكن ان تكون لي إبنة شابة لو انني انجبت مبكراً ؟! لماذا لا أشعر بذلك في روحي ايضاً؟!

لماذا لايغمر الضياء داخلي بالهدوء والحكمة كما بدأ يغمر سواد شعري بكرم..

لطالما كنت أرى وأشعر بأن عمر الثلاثون عمر الهدوء والحكمة والإستقرار والسعي خلف اهداف واضحة في وسط أيام هادئة، أليس من الظلم أن اصبح في عمر الثلاثون وأنا بلا وظيفة رسمية، بلا ثلاثة أطفال على الأقل، بلا كتاب منشور، ولا معرض فني..

كل انجازاتي في العشرون تضاءلت في نظري وأشعر بأنها بعيدة وقليلة

كيف كانت تبدو عظيمة جداً في وقتها ؟! كيف كنت أحصد الجوائز التي تبدو بلا معنى الآن وكأنها من حياة أخرى!

كيف تُنسى وتقدم الإنجازات في هذا العصر، وكم من إنجاز يلزمنا لنكون دوماً في الصورة؟! لنكون مواكبين وحاضرين وسط سباق الإنجازات اليومي المحموم ..

ياعزيزي سانتورا الحكيم، لطالما ساعدتني بحكمتك وأنت الآن هناك مستقر في وسط الثلاثين وتبدو مرتاحاً جداً فيها، أخبرني كيف يبدو الأمر من مكانك ؟! هل ستهدأ هذه العواصف حين أصل لهناك؟! هل ستهدأ الأيام؟! هل سيتضح الطريق؟!

وأخبرني بسرّك في العبور من العشرينات للثلاثينات بهدوء؟؟ كيف تتغلب على شعور الطفل الصغير في داخلك، كيف تنضج وتصبح أكثر حكمة، كيف تقرر التغافل والمضي بهدوء؟ كيف تواكب مرور الزمن على ملامحك؟

وإن نجح كل ذلك، ألا تفكر أحياناً بكيفية تجاوز تلك المشاعر في كل عبور؟ كيف ستعبر مجدداً من الثلاثين للأربعين، وللخمسين، وللستين، وللسبعين، وكيف سيبدو عبورنا الأخير؟! ماذا ينتظرنا بعد ذلك..

انتظر ردك ..

إسراء

روتين يوم الجمعة الذي احب

اقضي يوم الجمعة بعيداً عن منزلي، واشتاق لطقوس الجمعة الخاصة بي، احب يوم الجمعة في المنازل، احب كيف يستقبله كل منزل بطريقة مختلفة ويخلق له روتيناً خاصاً، بعض المنازل تستفتح يوم الجمعة برائحة البخور وعبق القهوة السعودية وحبات التمر قبل ان يذهب الرجال الى الصلاة محملين بأجمل روائح العطور والعود، وتفتح النساء التلفاز على خطبة الجمعة من مكة المكرمة، بعض الأمهات تكتفي بسماع الخطبة من اذاعة القرآن على الراديو وتنغمس في إعداد طعام الغداء ليكون جاهزاً حال عودة الرجال من الصلاة، لتستقبلهم رائحة حنان وعطف النساء من الباب.

وفي بعض المنازل تُقدم وجبة افطار متأخرة بعد الصلاة وتدمج الأمهات وجبتي الافطار والغداء سوياً وتأخذ يوم اجازتها الاسبوعي من اعداد الغداء، واحب كيف يعود كثير من الرجال بالطعام الجاهز للمنزل بعد الصلاة ليكون للنساء وقت للراحة والعبادة في هذا اليوم المقدس، تزدحم المطاعم بالكثير من الرجال المستعجلون، وفي كثير من المنازل يكون يوم الجمعة هو يوم تناول السمك العالمي من كل أسبوع!

في الصباح عادةً مايكون هنالك مهرجان للاستحمام السريع للحاق بالصلاة واتباع السنة، بعد عودتهم تتفرغ الأمهات لتقليم الاظافر واكمال تحميم الصِغار، وفي وقت العصر تنتشر من جديد رائحة القهوة او الشاي مع النعناع مع رائحة كعكة أمهات طازجة تحتضن المنزل بقوة، وتنتشر المصاحف في انحاء المنزل وتسمع همسات متناثرة من سورة الكهف، قبل ان يحل المساء وينتهي اليوم الأسبوعي المميز بآمال واحلام ودعوات نرجو ان تتحقق، ونبدأ في طقس احتفالي اخر مساءً استعداداً لرؤية الاقارب وصلة الرحم، ويبدو في كل اسبوع أن يوم الجمعة يجددنا ويطيبنا ويمنحنا السكينة والأمل وان يرحمنا الله برحمته ورضوانه في وسط الايام المتلاحقة والمتشابهة، يأتي يوم الجمعة ليخلق طقساً روحانياً مميزاً يذكرنا بمن نحن وماذا نريد، نستغفر لما مضى وندعو لما هو آت.

جدتي الحنون، إلى روح وريحان وجنة نعيم يارب

حين توفى جدي رحمة الله عليه، وجدت نفسي أقضي الساعات في مكتبته أحاول تحسس رائحته بين كتبه ولمساته وبقايا خط يده على الملحوظات، لكن حين فارقتنا انتِ ياجدتي الحنون رغبت بأن أغوص في بحر من الفل والياسمين لأنعم برائحتك من جديد، ستبقين دوماً الذكرى الطيبة في القلب، مع كل إطلالة للشمس التي تحبين على وجهي، مع كل مشيه لي على العشب، مع انتفاخ الخبز في مطبخي الذي يذكرني بخبزك الدافئ، مع كل صوت لماكينة الخياطة بين يدي ومع كل قطعة أصنعها والتي أتذكر معها دوماً حكاياتك لي وانا طفلة على سريرك عن كيف تعلمتي الخياطة والتطريز وكم كنتي تقضين الساعات وانتِ طفلة مستمتعة بالعمل الذي تحبين، ولن أنسى السعادة التي تلمع في أعين خالاتي عندما يتذكرن فساتينهن الجميلة التي كنتي تصنعينها لهم وسعادتك الاكبر حين تدركين كم تسعدهم تلك الذكرى حتى بعد كل هذا العمر، وسعادتك بوصف خوالي للوجبات الشهية التي كنتي تصنعينها لهم بحب قبل سنوات طويلة ويتذكرونها وكأنها كانت إفطار وغداء الأمس، ويردفون دوماً بأنهم كانوا يعيشون في أفضل منزل مع أشهى طعام لم يكن يوجد مثله في وقتها خارج حدود منزلك، يتذكر خالي كيف كان يقايض زملائه في الصف بخبزك اللذيذ وتبتسمين سعيدة مدركة بأنكِ دوماً ماكنتي الأفضل، سأتذكرك في كل حكاية أقرأها والتي لن تشبه ابداً حكاياتك الطويلة الممتعة عن كل الأماكن التي زرتيها والأشخاص الذين قابلتيهم وتركتي المحبة بينكم خط وصل لا ينقطع، سأتذكرك كلما ولد طفل جديد في العائلة وسأشعر به يفتقد حنان الجدة العظيمة والطقوس التي لن يحظى بها، تمليع وتكحيل بالبصل ونقطة ليمون في العين وحمام الهنا الأول في العالم بين يديكي،سأتذكرك في كل رائحة للبودرة وكيف بقت علبة البودرة الوردية تلك في غرفتك لسنوات مع انك لا تستخدمينها وكنا نتسلل أنا وابنة خالي ونحن أطفال لنلهو بها وننثرها فوقنا في أنحاء غرفتك وتتعالى ضحكاتنا ونعيدها لمكانها والآن اعلم بأنك كنتي تدركين ولم تعاتبينا أو تنهينا يوماً وابقيتِ العلبة لسنوات حتى نسيناها نحن، كم أتمنى أن أصبح مثلكِ حين أصبح جدة في يوم، سأتذكرك في كل طعامٍ لذيذ أصنعه، في كل إبتسامة، في كل قصة، في كل صلاة، ملاكنا الطاهر عاد، اسأل الله ان تكوني في جنة من روح وريحان وفل وياسمين، أن ينير قبرك ويجعله روضة من رياض الجنة، حين مروري من بقيع الغرقد سيكون لدي أنتِ وجدي وخالي وطفلي شفيعي الصغير وجداي لأبي وعمتي الحنون ولن يبدو المكان موحشاً ابداً، رحمة الله عليكم أجمعين واسأل الله ان نلتقي في الجنة وننعم بقربكم كما أنعم الله علينا به في الدنيا..

تحويل الهواية لعمل جاد من المنزل

البدء في التعامل مع هوايتك كعمل أساسي من المنزل خيار جميل لكن له كثير من الأمور التي ستوتر العلاقة بينك وبين وهوايتك على المدى القريب أو البعيد إن لم تجد التعامل معها بجدية وصبر، الصورة الحالمة والرائعة هي أنك سوف تستيقظ من النوم لتكون المدير اللطيف والرائع لنفسك، ستكون من اللطف بحيث ستسمح لنفسك بالنوم لساعات إضافية لإنك تدرك جيداً كم أرهقك الأرق في الليلة الماضية، وحين تستيقظ سيمكنك صنع إفطار لذيذ دون الجري بين الأكواب والصحون للحاق بموعد الحضور للدوام فمكتبك الرائع على بعد خطوات، ستستقبل المال للعمل على هوايتك! هل يوجد اروع من ذلك؟!

وبينما أنت مستغرق مع هوايتك التي تحب ورسائل التحويل لحسابك البنكي، سترى أيضاً بضع رسائل حانقة من عملاءك يريدون به مادفعوا من أجله، لن يقدر العملاء ابداً أنك كنت تعاني من الأرق أو انك في اليوم السابق لم تستطع الدخول لمكتبك من فرط ألم الرأس ولو كنتي امرأة وأم فلن يفكروا ابداً بأن طفلتك استيقظت الليلة الماضية في منتصف الليل بدرجة حرارة ٣٩ واضطررت لقضاء الليلة في الطوارئ أو ان طفلك كان يمر بطفرة نمو، هذه الأعذار “غير مهنية” وليست مقبولة في العمل الحر، فأنت بالنسبة للعملاء شخص متفرغ لأداء هذا العمل مادمت انشأت هذا الخيار من الأساس، وان كانت الحياة متصالحة معك واستطعت الإلتزام بدوامك المنزلي بصورة مثالية، فبعد إنقضاء ساعاتك الرائعة وانت تمارس هوايتك ستأتي بعدها مرحلة التغليف، هل نسيت صنع شعار وطلب أدوات وخامات التغليف؟! عليك صنع شعار وبطاقات عمل وطلب ورق للتغليف وشرائط وصندوق لتضع به الطلبات وصندوق شحن.

بعد التغليف يلزمك ان تشحن هذا الطلب الرائع! ربما يلزمه شعار قابل للكسر؟ عليك شراءه

والبحث عن بوليصات شحن مخفضة لأن العملاء سيغضبوا من اسعار الشحن الفلكية، عليك شراء طابعة وحبر للطابعة ايضاً لطباعة البوليصات، ربما يلزمك صنع موقع خاص للطلب واشتراك مع شركة شحن؟

هل حسبت التكاليف جيداً ام انك تجد نفسك برصيد متناقص رغم المبيعات الجيدة دون معرفة السبب؟ يبدو انك تحسب تكاليف كيس الدقيق الذي تصنع به الكعك او الخيوط التي تطرز بها او الألوان التي ترسم بها اللوحات، ناسياً تماماً ان تحسب ضمن التكاليف سعر حبر الطابعة الذي تستخدمه لعملك بإستمرار، وسعر توصيل أدواتك للمنزل، وسعر الموقع الذي تعرض به اعمالك، وسعر المصمم الذي يصمم لك صورك، واخيراً تسعيرة ساعة عملك، من الجنون أن كثير من اللذين يعملون من المنزل يعملون مجاناً دون أن يدركوا ذلك، يحسبون قيمة الأدوات ويستلمون سعرها مقابل ربح يظنونه يغطي تكاليفهم، لكل عامل في المنزل او خارجه تسعيرة لساعة عمله استحقها نتيجة وقته وخبرته المتراكمة في أداء هذا العمل ويجب ان تضاف قيمة الساعات التي عملت بها على المنتجات لقيمة أي منتج.

وسوف تجد نفسك فجأة تمارس هوايتك المحببة لساعة يومياً بعجلة شديدة، لتستطيع اللحاق بمتطلبات الموقع والتصوير والتسويق والشحن والرد على العملاء ومتابعة الشحنات والمهام المنزلية التي تتزايد في قائمة طويلة دون تناقص، وستدرك أن تحويل هوايتك لعمل جاد من المنزل رغم جماله إلا انه يلزمه أضعاف الصبر والإلتزام بالمقارنة مع العمل خارج المنزل لصالح شركة معينة تؤدي فيها عمل روتيني متكرر، لكن من المؤكد بأنك ستكون دوماً فخور بمنتجاتك التي وجدت لها أماكن تقدر جمالها وقيمتها في منازل وقلوب الأخرين.

*للذكرى صور أول ٣ أعمال من مشروعي @esraajewelry بشكله الجديد والتي اختبرت بها كثيراً من النقاط في الواقع وعرفت متطلباته وماينقصني جيداً 💗 عملت عليها بحب وإمتنان شديد لأصحابها وستبقى دوماً الأجمل في عيني بدهشة التجارب الأولى المكتملة ..

رمضان .. في زمن التباعد الإجتماعي

نحيا في خضم فترة استثنائية لم يخطر على بال أحد منا أن يراها إلا على شاشة مسطحة وبيننا كثير من المسافات والخيال والفشار.

مضت شهرين منذ أن رأيت فيها أمي وأبي، ولا اعلم متى سأراهم مرة أخرى في ظل حظر التنقل بين المدن، كان سفرنا للمدينة المنورة كل أسبوعين يعد أمراً روتينياً لانتكبد عناء التفكير بهِ أو بكونه نعمة عظيمة تستحق الشكر كلما وصلنا لمن نحب بعد أربعة ساعات فقط نقضيها على الطريق إليهم، لا شهرين ولا ثلاثة ولا أربعة، كانت أربعة ساعات فقط كفيلة لكي نراهم وننعم بمعانقتهم من دون سلام بالنظر ولا كمامات ولا معقمات.

ولإنه كان روتين مستمر في أيامنا، كنت أترك كثيراً من أغراضنا وثيابنا هناك، أدركت متأخراً جداً بأن الوضع سيدوم أطول مما كنت أتوقع وبأنني بحاجة لمزيد من الثياب من خزانتي في المدينة لي ولطفلتي ولبعض ألعابها الكثيرة هناك، لكن شركات الشحن كانت متيقظة أكثر مني وأقفلت مكاتبها قبل أن استوعب أن زمن التباعد الإجتماعي سيطول.

تمنيت أن أكثر ماكنت احتاجه من المدينة هو الثياب والألعاب!

أفتقد دفء الأهل وخصوصاً مع قرب شهر رمضان وعيد الفطر من بعده، في بداية الحجر الصحي كان التواصل معهم كثيراً من خلال تطبيقات الفيديو جميل وممتع جداً، لكن مؤخراً لم أعد استطيع مقاومة دموعي عندما أراهم عبر شاشة صغيرة لا استطيع من خلالها الشعور برائحة منازلهم الجميلة، ولا شرب شاي العصر معهم وتذوق حلوى المساء،

والنظر لهدوء وجمال المدينة من خلف نافذتهم، رؤيتهم من خلف الشاشة أصبحت تظهرهم وكأنهم أبعد كثيراً من مسافة أربعة ساعات على الطريق.

نحتفل في المدينة في نصف شعبان بطقوس الشعبنة، نرتدي ثياباً مزركشة ونجتمع برفقة الأغاني والحلوى الشعبية التي لا اراها غالباً إلا في شعبان، اللبنية، حلاوة اللدو، المنفوش، المشبك، حمام البر، كيف يقضي صانع الحلوى الذي كان ينشر السعادة وطقوس الشعبنة في كل بيوت المدينة وقته الآن؟!

بعد طقوس الشعبنة تصلني “نقصة رمضان” من بيوت مختلفة من المدينة كل بيت منها يحاول أن يهديني رائحة رمضان المميزة لديه، يصلني من أبي الحبيب أجود أنواع التمر، وقطع اللحم والمفرومة التي تعدها وتطبخها لي أمي الحبيبة بكل حب حتى أضعها في الفريزر ويسهل علي صنع وجبات رمضان، تغسل حبات الكمون والفلفل الأسود وتطحنها لي، تجفف أوراق الملوخية وتطحنها، تمدني بصندوق مليء برائحة منزلهم الجميل.

صرر بهارات الشوربة

من الغاليتين جدة زوجي وأمه يصلني كيس مملوء بروائح منزلهما ومنازل مختلفة من المدينة، أكياس من الدقيق والحَب، أكثر من كيس من دقة المدينة صنعتها جدّات رائعات من أقاربهم، وصرر الشوربة المميزة التي تصنعها الجدّات الرائعات بكل حب وتبدأن في صنعها قبل أشهر من رمضان لتصلني قبل رمضان عدة صرر بأقمشة وأشكال وروائح وبهارات مختلفة مجمعة وملفوفة بكل حب لأتلذذ في منزلي بعيداً برائحة شوربة رمضان المميزة وكثير من حب وطيبة أهل المدينة، سعيدة بأني لا أزال احتفظ في الفريزر بالصرر المتبقية لدي من رمضان الفائت!

بعد النصف من شعبان كنا نزين منازلنا بزينة رمضان ونخرج لرؤية زينة رمضان على أبواب ونوافذ الجيران وتصرخ طفلتي رمضان كريم كلما رأت الزينة والأضواء الملونة في مكان، هذا العام أنظر لزينة رمضان وأقرر ان اعلقها جميعها داخل المنزل، لأنه لن يكون بمقدرونا نحن أو جيراننا الإستمتاع برؤيتها على النوافذ والأبواب.

كنت أقضي نصف رمضان في جدة

ونعود لنكمل النصف الآخر والعشرة الأواخر وعيد الفطر في المدينة، ننعم بالإفطار في الحرم وصلاة التروايح والتهجد والتختيم في الحرم ومسجد قباء، وصلاة العيد المزدحمة بالفرح والثياب البيضاء وفساتين الصغيرات المنفوشة ورائحة القهوة والبخور، وإفطار العيد المبهج ونعاس الظهيرة والزيارات والحلوى التي لا تنتهي مساءً.

كل هذه الطقوس الروتينية الجميلة أمست حلم يبعث على البكاء في زمن كورونا والتباعد الإجتماعي.

لكن أحاول النظر بإيجابية وبأن شهر رمضان المبارك سيكون حدثاً جميلاً وسط العزلة والأيام المتشابهة جداً، ستكون ثلاثون يوماً مختلفة، سوف أطهو كثير من الوجبات الرمضانية المميزة، سيعلو صوت القرآن في المنزل وصلاة التراويح التي ستنقل مساءً،

وسأصنع لطفلتي مسجد من الكرتون المقوى ونبدأ بحفظ السور القصيرة، وأبحث منذ الآن عن وصفة معمول شهية للعيد!

يارب بلغنا رمضاننا لا فاقدين ولا مفقودين، يارب هوّن علينا هذا الوباء وتفاصيله على حياتنا، يارب أصرفه عنا وأجعلنا شاكرين ممتنين لكل نعمك التي لا تحصى ولا تعد.

تفاصيل

يمر الزمن بنا ، ينساب كالتراب الناعم بين أصابع الأيام ، الذكريات الدافئة تبدو بعيدة وتغيب تفاصيلها وألوانها ورائحتها ، تفاجئني الصور احياناً بما كنت ، تفاجئني الرسائل الورقية بالمشاعر والكلمات التي لم تختفي كما تختفي الكلمات مع كل هاتف جديد ، كل هاتف ذاكرة لعمر كامل نقرر فجأة ان نضع تلك الذكرى في درج منسي ونستقبل ذاكرة جديدة بصور ورسائل جديدة وننسى مع الوقت ان لنا ذكريات وتفاصيل أقدم ، هل سنتذكر ان نحتفظ بتلك الذكريات في ذاك الدرج المنسي قبل ان نقرر ببساطة التخلص من الهاتف او إعطاءه لأحد صغار العائلة للهو به !

ذاكرتي مهترئة ، حين أقرر القراءة من الكتب الجديدة في مكتبتي يفاجأني فاصل صغير في منتصف الكتاب وهوامش على الكتاب وورقة تحتوي على صورة من جدولي الدراسي في احد الأعوام ! مما يؤكد بالأدلة انني قرأت هذا الكتاب من قبل، لكن لا دليل قادر على إقناع ذاكرتي بذلك وتذكر لو تفصيل صغير يتعلق بالكتاب ! تقع عيني عليه كأول مرة تماماً ويخيفني الشعور ..

يخيفني جداً ان تمر الصور والرسائل أمامي هكذا ، يخيفني ان تقرر ذاكرتي رمي ذكرياتي ومشاعري المتعلقة فيها للنسيان ، تنبهت لذلك حين تجادلت مع شخص مقرب عن ذكرى خاصة مشتركة بيننا ، كل منا يتذكرها بطريقة مختلفة ويصر أنها حدثت هكذا ، خفت من ذاكرتي هل من من الممكن أن انسى فعلاً أحب ذكرياتي إلي !

انا لا اتحدث عن تلك الذكريات التي تحضر دوماً كيوم الزفاف أو يوم ولادة طفلنا الأول ، اتحدث عن التفاصيل الصغيرة التي شكلت مشاعِر تلك الذكرى ..

نتذكر دوماً اننا نحب أطفالنا، لكن هل نتذكر تحديداً اللحظات التي شعرنا بها بأن القلب صغير جداً ليحتمل حب كهذا ؟!

هل نتذكر كل الكلمات الأولى ؟!

القبلة الاولى كيف كانت تبدو ؟

كلمة احبك ماما/ بابا متى اخبرونا بها ؟

هل لازلنا نتذكر رائحتهم الملائكية ؟!

تلك المرة التي استيقظنا فيها منهكيين لقياس حرارة طفلنا للمرة الألف ونجدها جيدة ، تلك اللحظة التي دعونا فيها بكل صدق وحب ( لا ارانا الله فيك مكروهاً ) ؟

نظراتهم المتلهفة حين يروننا بعد غياب ؟

المرة التي حاولوا فيها مسح دموعنا بأيديهم الصغيرة واخبارنا كم يحبوننا ؟

نتذكر دوماً اننا نحب شركاءنا ؟

ماذا عن تفاصيل اللقاء الأول ؟

رجفة الصوت عند الحديث الأول ؟

المرة التي استيقظنا فيها ليلاً فزعين من صوت الرعد ووجدنا حضناً دافئاً غمرنا بالراحة والأمان ؟

المشاعِر في تلك النظرة القلقة التي ودعتنا مرة قبل غرفة العمليات وهي تفيض حباً وخوفاً ؟!

نشعر بالراحة حين ندخل إلى منازلنا لكن هل نتذكر التفاصيل التي أدت بنا إلى حُب هذا المكان ؟

هل نتذكر أول وجبة تشاركنا إعدادها فيه ؟!

اول مرة ذهبنا فيها إلى مركز التسوق حتى نجلب أشياءً لمنزلنا ؟

هل نتذكر شعور الراحة بعد العودة من مكان صاخب لهدوء المنزل ودفئه ؟

وصفة إفطار يوم سبت كانت شهية وجعلتنا نبدأ ذلك اليوم بلذة ومحبة ؟

تفاصيل .. تفاصيل … أود ان اكتب كل تفاصيلي الخاصة التي شكلت مشاعري ومحبتي على مدى السنين ، تلك التفاصيل اكثر ما أخشى ان افقده في حياتي ، أخاف ان اقف يوماً غاضبة أمام من أحب وأنا لا اتذكر شيئاً من تفاصيلنا الصغيرة الجميلة ، أود دوماً ان تكون حاضرة بمشاعِرها ودفئها وجمالها بيني وبين غضبي وحنقي وأيامي ..

كيف لا استهلك وقتاً أطول في المطبخ في رمضان ؟

لا يخطر على بالي شهر رمضان الفضيل إلا وأجدني مبتسمة ، شهر كريم بذكرياته الجميلة ، الشعور الذي رافقنا منذ الطفولة بالإنجاز العظيم والأجر الكبير كلما اتممنا صيام يوم في رمضان ، رائحة المنزل التي تختلط فيها رائحة الشوربة على النار وصفير القدور ورائحة القلي التي تجعل عصافير البطن تتضور جوعاً ونحن نتخيل أشهى الأطباق ورائحة الحلويات التي تتسرب من المطبخ ونشعر بأنها تغطي المدينة بأكملها ، تلك الروائح التي لا تتكرر إلا في رمضان ، الأيادي التي تمسك بالتمرة قبل الأذان بلحظات وترتفع كلها في تناسق نحو الأفواه الجائعة ترافق إرتفاع الأذان وارتفاع الأدعية نحو السماء ، اجتماع العائلة الذي يبدو أجمل وادفء وأعذب ما يكون في أمسيات رمضان ، صوت صلاة التراويح وهو يغسل الأرواح بعد عناء النهار وكأن هذا الشهر يأتي ليغسل الروح من كل هموم العام ويرحل ويتركنا مشتاقين للحظات التي ادركنا فيها لذة الطهر والصفاء ، كل شيء يبدو أجمل وأبهى في رمضان ..

أقضي عصر هذا اليوم بالتفكير في رمضان وفي وجبات رمضان ، لا أتذكر اني تذمرت يوماً من وجبات الإفطار والسحور في الشهر الفضيل ، بل دوماً ما كان شهر رمضان بالنسبة إلي راحة أكبر من واجبات المطبخ ..

ليس لأننا لا نعد افطاراً لذيذاً أو نقضي أغلب أيام الشهر بالإفطار في منزل الأهل ( على فكرة أغبط من يقوم بذلك ويؤسفني اننا نسكن بعيداً عن منازل أهالينا ونفوت اجتماع رمضان الرائع حول سفرة الإفطار )  لكن فقط التخطيط قبل الشهر الفضيل يمنحني الكثير من الوقت خلاله ..

من خططي التي أشاركها صديقاتي قبل الشهر الفضيل إعداد قائمة بالوجبات ، ومع انه يفترض أن نقوم بهذا الأمر طيلة العام حتى نوفر من الوقت والجهد والمال الذي قد نصرفه على مكونات لا نحتاجها ونضطر للتخلص منها لاحقاً عندما تفسد ..

أولاً اخرج جميع أوراق قوائم الوجبات التي اعددتها في السنوات السابقة ، لأن كثيراً من الوجبات لا أعدها إلا في رمضان وأنساها تماماً ، مثلاً لم يخطر في بالي يوماً أن أحضر ( جيب التاجر ) في غداء يوم عادي أو ( المنتو الكذاب ) أو ( شوربة الحب ) وغيرها الكثير ، أحرص على أن تتضمن قائمة الوجبات هذه الأطباق التي تشعرني برائحة رمضان في المنزل ، بعد أن اكتب كل ما يخطر على بالي من وجبات ابدأ بترتيبها في أيام الشهر وأراعي خلال ذلك أن تكون هنالك روابط مشتركة بين الأطباق حتى في السحور حتى أوفر من الوقت والجهد ، على سبيل المثال عندما أعد على الإفطار وجبة ( كالينولي باللحم المفروم ) ستكون وجبة السحور ( لزانيا باللحم المفروم ) وهذا يعني أنني فقط سأضاعف من كمية اللحم التي سأحضرها لكالينولي اللحم المفروم وسأضعها على شرائح اللزانيا التي لا تحتاج للسلق المسبق وفقط سأصنع البشاميل بسرعة أو استخدم البشاميل الجاهز وتترا ! طبق السحور سيكون جاهز تماماً قبل الافطار وسأنعم بالراحة والتفرغ للعبادة باقي اليوم ..

وان قمت بصنع جيب التاجر في الإفطار سأضاعف كمية الدجاج وسأستخدمه في صنع الشاورما على السحور أو في إفطار اليوم التالي ..

ان فمت بإعداد البيتزا على الافطار سأضاعف كمية العجين وأصنع لطبق الحلويات لقيمات محشية بحليب النستلة

ولدي سر أخر أفعله كل رمضان ، قبل أيام من الشهر الفضيل أجلب كمية كبيرة من اللحم المفروم وأعده كما أحب بالبصل والبهارات على النار وتصبح عندي كمية كبيرة من اللحم المفروم المستوي والجاهز للأكل ، أقسمها في أكياس محكمة الأغلاق بحسب الكمية التي تناسب عائلتي وأضعها في الفريزر ..

ماذا سيحدث عندما أفعل ذلك ؟! ستعد الكثير من الأطباق في نصف ساعة أو اقل

مثلاً لصنع اللحم بعجين أو عيش أبو اللحم فقط سأخرج المفرومة الجاهزة واكمل وضع المكونات عليها وفقط سأصنع العجين

ان كنت سأقدم المطبق أو المنتو على الفطور فقط سأستخدم الرقائق الجاهزة وأضيف بقية المكونات على المفرومة الجاهزة وافعلها في دقائق ..

وجود القلاية الهوائية ساعدني كثيراً ليس على صعيد الصحة فحسب بل ايضاً في اختصار الوقتا والجهد في المطبخ فأصنع بها كثيراً من الأطباق التي تٌقلى في العادة ..

وطبعاً أقوم بفرزنة السمبوسة التي تشاركنا السفرة أغلب الأيام وبعض الفطائر تحسباً للأيام التي أكون منهكة فيها أو انشغل فيها عن تجهيز الإفطار وأفرزن كمية بسيطة من كباب اللحم المفروم حتى يكون جاهزاً لساندويشات الكباب او صنع طبق كباب خشخاش سريع للسحور  ، والافطار من خارج المنزل لو كانت سفرة من فول وتميز وحمص سيكون نوع من التغيير التي ستحبه أي ربة منزل .. لذلك أترك اياماً فارغة للوجبات من خارج المنزل ..

وبالنسبة للأطفال علينا أن نراعي جوعهم وحاجتهم للطعام المفيد ، لذلك أجهز صوص الخضار في الفريزر ( نذبل بصل ونحط أي خضار نحبها ونتركها تستوي ونهرسها تماماً قوامها رح يكون زي صوص البيتزا ، إضافة القرع دوماً ستضفي نكهة ألذ ) أضعها بعد ذلك في مكعبات الثلج ثم افرغها في أكياس للفريزر ، وقتها سيصبح لدي صوص للمكرونة جاهز وغني بالفيتامينات ولن يأخذ تحضير طبق للأطفال اكثر من 10 دقائق ، واعداد البانكيك أو الوافل بالحبوب يمكن صنع كمية ووضعها في الثلاجة لـ 3 أيام وتسخينها عند التقديم ..

أمثلة من الوجبات التي أحب تحضيرها في رمضان قد تساعدكم في صنع قوائمكم :

معجنات ( جيب التاجر بالقلاية الهوائية – المطبق – البريك – المنتو الكذاب – كالينولي اللحم – لحم بعجين – شاورما الدجاج بالتوست – عيش أبو اللحم – لفائف التوست بالدجاج – خبز عروق – تغميسة السبانخ مع الخبز المحمص – لحم بعجين – بيتزا )

شوربات ( شوربة حب ، شوربة بطاطس ، شوربة طماطم ، شوربة الشوفان ، شوربة القرع ، شوربة الدجاج بالشعيرية )

الأطباق الرئيسية للسحور غالباً ( صينية دجاج بالخضار ، مكرونة بالباشميل ، كباب خشخاش ، صينية رز بالجبن والقشطة ، برغر لحم منزلي ، بامية ، دجاج بالكريمة – فاصوليا خضراء على الطريقة الهندية ، طاجن الدجاج ، صينية كرات البطاطس ، )

الحلويات  * قليلة جداً افضل التقليل منها في منزلي والاكتفاء بما نأكله عند زيارة الأهل ( كريم كراميل ، لحوح حلو ، عيش السرايا ، أصابع الجبن بعجينة السمبوسة – لقيمات محشية – قطايف عصافيري )

بلغنا الله وإياكم الشهر الفضيل ونحن بأحسن حال .. وكل عام وانتم ومن تحبون بخير

عقل لا يهدأ ، عقل النساء ..

أنه العصر من جديد ..

قبل ساعتين فقط وانا اضع طفلتي في سريرها لقيلولتها كنت أنوي ان أكون بعد ساعتين قد انتهيت من كتابة أربعة صفحات في رسالة الماجستير ، لكن بعد ان نامت طفلتي أحببت ان اصنع لنفسي كوب قهوة لذيذ ” يفتح نفسي ع الرسالة ” وانا اقف أمام ألة صنع القهوة في المطبخ تذكرت الصندوق الذي وصل قبل قليل من السوبر ماركت ، أفرغته سريعاً وفضلت أن اقطع صدور الدجاج التي وصلت تواً واضعها في الفريزر بسرعة حتى لا انساها لأيام في الثلاجة ، قطعت الدجاج لقطع صغيرة وضعتها في أكياس صغيرة ثم كتبت على كل كيس تاريخ حفظه والغرض منه وانتهيت بسرعة !  لكن بعد أخرجت الحليب لتبخيره لقهوتي فكرت في ان اصنع مكرونة سريعة جداً لطفلتي اثناء صنعي للقهوة ! بعد الانتهاء من الطبخة السريعة فضلت ان انظف أثار الطبخ سريعاً واكمل صنع قهوتي بسرعة ، وانا اضع قهوتي الرائعة على الطاولة تذكرت الملابس التي انتظرت طويلاً في الغسالة واسرعت ونشرتها ، وانا في الطريق لأخذ الاب توب لملمت الألعاب المتناثرة على الأرض ، وعندما امسكت بالاب توب اخيراً ادركت أن الوقت بالكاد سيكفي لاحتساء كوب القهوة وربما الثرثرة في تدوينة !

كل يوم .. كل يوم .. أقول بأنني سأقوم بما أنوي فقط ، لكن كل يوم أتذكر وعدي لنفسي بعد أن أكون قد انتهيت من فعل كل شيء لم اكن انوي فعله ..

احياناً أتمنى لو املك عقل كعقل الرجل ، كثيراً ما قرأت في كتب العلاقات ان اكثر شكاوي المرأة من شريكها تكون بسبب تركيزه على مهمة واحدة فهي أن اخبرته ان يخرج رضاعة طفلته من غسالة الأطباق فهو سيخرجها فقط لن ينتبه ان كل الأطباق نظيفة وانه من الجيد لو اخرجها كلها وساهم بترتيبها كما ستفعل المرأة بتلقائية ومن دون تفكير ، كم من الجميل لو انني ذهبت للتسوق وخرجت بكيس وحيد يحتوي بجامة وحيدة بأكمام طويلة لطفلتي كما فكرت في المنزل ، انا اذهب للتسوق ، اطلب من السائق ان ينزلني عند اقرب بوابة من السوبر ماركت ، ادخل للسوبر ماركت رغم عدم حاجتي لشيء منه ، اقضي وقتاً في كل مرة بمشاهدة قسم التحف ثم ابتاع فطائراُ وعصير لطفلتي ، وبعض الأمور التي أتذكر انها ناقصة من الارفف التي امر بها ، اخرج وافضل ان اخذ أطول مسار للمتجر الذي اريده كنوع من الرياضة ، في الطريق أتذكر رغبتي بشرب قهوة وابتاع كوباً من القهوة واترك طفلتي تجري قليلاً ، تجذبني بعض المحلات وملصقات التخفيضات ، ابتاع أكواب قهوة ، مناشف ، مشبك للشعر ، أشياء سخيفة جداً ..

واخيراً حين اصل لوجهتي ابدأ بتذكر أشياء كثيرة مثل ان الصيف قادم ويلزم طفلتي بجامات صيفية

والعيد قادم وربما لن اجد قبل العيد جوارب جميلة كهذه

وهنالك لعبة جميلة جداً سأبتاعها لابنة أخي

وربما في المنزل أتذكر البجامة بأكمام طويلة التي دفعتني للخروج !

آه من عقل النساء ، وكل ما اصفه يتعلق بأمور محسوسة وتصرفات مرئية ، لكن في الأعماق هنالك صراع دائم بين مشاعري ، أحلامي ، رغباتي ، اهدافي ..

حين انظر ، حين اسمع ، حين اقرر ، أشعر بأن قبيلة من النساء تشاركني أفكاري ، وكل واحدة بعقل ثائر يفكر في كل شيء ولا يهدأ  ..

كتبت قبل سنوات وانا في المرحلة الثانوية قصاصة بعنوان ( عائلة الأقزام ) وضعتها في المدونة يمكنكم قراءتها ، لاحقاً اكتشفت ان العديد من النساء يشعرن بشخصيات كثيرة داخلهم ..

صادفت بعض هؤلاء النسوة في الكتب ، الف شافاك الكاتبة التركية التي أحببت كل ما قرأت لها ، تحدثت في كتابها الجميل ( حليب أسود ) عن النساء داخلها ووصفتهن بنساء الأصابع والحوارات الكثيرة والأفكار المتناقضة التي تفكر فيها كل واحدة من النساء داخلها ، قرأت نقد كثير من القراء وانزعاجهم من الحوارات الكثيرة بين نساء الأصابع داخل كتابها لكن عن نفسي كنت مستمتعة جداً باكتشاف قبيلة مشابهة للأقزام داخلي ، مثلاً حين خطرت للكاتبة فكرة إنجاب الأطفال الآنسة العملية القصيرة في داخلها اجابتها عن السؤال بأن تنجب الأطفال وتأتي بالمربية وتستمر بإنجاب الكتب” الآنسة الدرويشه ” أخبرتها ان تتوقف عن التفكير وتلجأ للدعاء بان يختار الله لها الخير” الآنسة التشيخوفية الطموحة “كان حلها ان تختار انجاب الكتب فقط ” والآنسة المثقفة الساخرة ” قالت لها ستجدين عقلك في هوس دائم بشأن الدرب الذي أهملت اختياره ..

حتى الرجل حين يصف أفكار المرأة ومشاعرها سيلحظ نساءها الصغيرات ، باولو كويلو وصف ذلك على لسان أحد نسائه في رواية احد عشر دقيقة ..

” في داخلي ثلاث نسوة ويمكن لمن ينظر الى أن يرى أي واحدة منهن .

هناك الفتاة الصغيرة الساذجة التي تنظر الى الرجل بإعجاب ، وتتظاهر بانها متأثرة بقصصه عن السلطة والمجد ، ثم المرأة المغوية التي تقضى دفعة واحدة على جميع الرجال الذين لا يملكون ثقة بأنفسهم ، فتسطير على الأمور وتوفر لهم الطمأنينة ، فينتفى الداعي الى القلق حيال أي شيء .

وأخيراً الأم الحنون التي تبذل النصح للرجال المتعطشين الى المعرفة ، وتصغى بإهتمام بالغ الى مشكلاتهم , وهى في الحقيقة لا توليهم أدنى اهتمام .

أي من هؤلاء النساء تريد ان تعرف ؟ ”

عائلة الأقزام

\

بِصِغَرِيِ

كنت أتخيل كثيراً أن هناك أشخاص يسكنون دواخلنا ..

وأن الأصوات تأتي منهم .. وتصرفاتنا ردود لأفعالهم ..

و أنني عندما أغضب فهنالك شيء ما أزعج من يسكن داخلي ..

كنتُ أظن أن عائلة أقزام تقطن بداخلي ..

أم حنونة .. ممتلئة بعض الشيء

أب مشغول دائماً ..

فتاة صغيرة , وأخويها الأكبر ..

كانت الفتاة مشاغبة .. تؤلم معدتي بكثرة حركتها ولعبها ..

والأم ذات صوت عالي .. تجعلني أحلم أحلاماً تعيسة ..

أما الأخوين فكانا يدفعانني للعب كثيراً .. من خلال ما يسكبون بجسدي من حماسهم المشتعل دوماً ..

الأب يفاجئهم بحضوره .. لكنه كان يشعرهم ويشعرني .. براحة كبيرة

كَبُرْتْ

و أدركت أن عائلة الأقزام .. ليست سوى روحي ..

وأصواتهم منبعثة من ضمير بداخلي .. يزعجنيِ ، يؤنبني ، يرشدني ، ويريحنيِ ..

ومنزلهم الكبير لم يكن غير قلبي ..

و أدركت أننيِ كنت فتاة صغيرة ذات خيال يضاهي السماء بسعته ..

كبرت … وكدت أنسى عائلة الأقزام التيِ أنشأتها مخيلتيِ ذات حلم ..

لكن بلحظة أحتجت لوجودهم ..

أن أكون كالأم الحنون في مواقف ..

أن أشعر الأخرون بالاستقرار ، أن أشعرهم بالدفء

أن أكون كالفتاة المشاغبة في مواقف ..

أزرع البسمة وأتصرف بلا مبالاة

مادمت أمنة بأن دلاليِ يحميني من العقاب ..

أن أكون كالأخوين في مواقف ..

مشتعلة بالحماس وأسابق الوقت حتى أصل إلى غايتيِ

أن أكون كالأب في مواقف ..

أشعر نفسي ومن حوليِ بِـ الأمان والراحة

حكيمة وأتصرف بعقل .. كربَان

بلحظة .. شعرت أننيِ بحاجة لأن أكون .. كَعائلة الأقزام ..

إسراء اسكوبي – قصاصة كتبتها وانا في المرحلة الثانوية